مصاحف م الكتاب الاسلامي

/ / / / / / /

دعائي لربي

قلت المدون تم بحمد الله وفضله ثم قلت: اللهم فكما ألهمت بإنشائه وأعنت على إنهائه فاجعله نافعاً في الدنيا وذخيرة صالحة في الأخرى واختم بالسعادة آجالنا وحقق بالزيادة آمالنا واقرن بالعافية غدونا وآصالنا واجعل إلى حصنك مصيرنا ومآلنا وتقبل بفضلك أعمالنا إنك مجيب الدعوات ومفيض الخيرات والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدين اللهم لنا جميعا يا رب العالمين .وسبحان الله وبحمده عدد خلقه وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته } أقولها ما حييت وبعد موتي والي يوم الحساب وارحم واغفر اللهم لوالديَّ ومن مات من اخوتي واهلي والمؤمنين منذ خَلَقْتَ الخلق الي يوم الحساب آمين وفرِّجِ كربي وردَّ اليَّ عافيتي وارضي عني في الدارين واعِنِّي علي أن اُنْفِقها في سبيلك يا ربي اللهم فرِّج كربي واكفني همي واكشف البأساء والضراء عني وعنا.. وردَّ إليَّ عافيتي وثبتني علي دينك الحق ولا تُزِغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وتوفنا مع الأبرار وألِّفْ بين قلوبنا اجمعين.يا عزيز يا غفار ... اللهم واشفني شفاءاً لا يُغَادر سقما واعفو عني وعافني وارحمني وفرج كربي واكفني همي واعتقني مما أصابني من مكروه أنت تعلمه واعتقني من النار وقني عذاب القبر وعذاب جهنم وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال ومن المأثم والمغرم ومن غلبة الدين وقهر الرجال اللهم آمين /اللهم ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عُقَد لساني واغنني بك عمن سواك يارب . والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم إلى يوم الدين آمين.

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 يونيو 2022

الانتحار + والحجاب عَبْرة وعِبْرة لمصطفى لطفي المنفلوطي

 

 

 

مصطفي لطفي المنفلوطي

نظرات الليبرالين

النظرات/الانتحار في منظور مصطفى لطفي المنفلوطي

الانتحار 

في كل موسم من مواسم الامتحان المدرسيِّ نسمع بكثيرٍ من حوادث الانتحار بين المتخلِّفين من التلاميذ والراسبين، ولو رُبِّيَ التلميذ تربية دينية لما هان عليه أن يخسر سعادته الأخروية خسرانًا مبينًا؛ أسفًا على أن لم يَنَلْ كلَّ حظه من السعادة الدنيوية. ولو رُبِّي تربية أدبية لما احتقر حياته الثمينة وازدراها ولوى وجهه عنها؛ لأنها لم تُقَدَّم إليه في لفافة الشهادة المدرسية. ولو أنَّ أستاذه ملأ قلبه بنور الإيمان ولقَّنه فيما يلقنه من قواعد الدين وأحكامه أنَّ جناية المرء على نفسه أكبر إثمًا عند الله وأعظم جرمًا من جنايته على غيره، لما خاطر بدِينه في آخر ساعةٍ من ساعات حياته، وهي الساعة التي يُنيب فيها العاصي إلى ربه ويستغفر فيها المذنب من ذنبه. ولو أنه لقنه فيما يلقنه من دروس الأخلاق والآداب أنَّ العلم صفةٌ من صفات الكمال لا سلعةٌ من سلع التجارة، يجب أن يَحفِل به صاحبه من حيث ذاته، لا من حيث كونه وسيلةً من وسائل العيش، لما جرى على تلك القاعدة الفاسدة: «الشهادة بلا علمٍ خيرٌ من العلم بلا شهادة.» ولو أنه رباه على الاستقلال الذاتي، وعلمه أنَّ الشرف في هذه الحياة على قدر ما يبذل الإنسان من الجهد في خدمة الأمة أو المجتمع، سواء أكان في قصر الملك أم في دار الوزارة، وفي حانوت التجارة أم في معمل الصناعة، لما أَكبَر مناصب الحكومة هذا الإكبار، ولا احتفل بها احتفال من لا يرى للحياة معنًى بدونها. ولو أنه نفث في رُوعه روح الشجاعة النفسية وعوَّده الصبر والجلَد في مواقف الشدة والبلاء لما جزع هذا الجزع الفاضح، ولا جُنَّ هذا الجنون الذي خُيَّلَ إليه أنَّ عذاب النزع أهون من عذاب الهمِّ.

 

الوالد والأستاذ والمجتمع في مصر عونٌ على الناشئ، وآفةٌ على عقله وأخلاقه وآدابه.

 

أما الوالد فإنه يقول له وهو ذاهبٌ به إلى المدرسة: «ستكون غدًا يا بُنيَّ حاكمًا كهذا الحاكم، ووزيرًا كهذا الوزير.» وكلما أراد أن يحثه على الاجتهاد في طلب العلم ويخوِّفه عاقبة الخيبة في الامتحان صوَّر له المستقبل المجرَّد من الوظيفة أقبح تصوير وأشنعه، وربما أشار عليه بالانتحار من طَرْفٍ خَفيٍّ، فيقول له: «إذا لم تنجح في الامتحان، فموتك أفضل من حياتك

 

وأما الأستاذ فإنه يضرب له من نفسه مثلًا على وجوب احترام المنصب وإجلاله، وإنزاله المنزلة الأولى بين أعمال المجتمع الإنساني، إذ يراه بعينه يتجرع مرارة الذل ويعاني من كبرياء رؤسائه وقسوة المسيطرين عليه عناءً شديدًا، ويحتمل من ذلك ما لا يحتمله الرجل الشريف حرصًا على منصبه وإرعاءً عليه، فكأنما يلقي عليه درسًا عمليًا موضوعه: «إنَّ من يخاطر بمنصبه يخاطر بحياته؛ لأن المنصب كلُّ شيءٍ في هذه الحياة

 

أما المجتمع فإنه يحترم الموظف الصغير أكثر مما يحترم العالم الكبير، ويطير إلى تهنئته بإقبال المنصب عليه، وتعزيته عن إدباره عنه، كأن الكوكب لا يدور إلا في دائرة المناصب نُحوسًا وسُعودًا، فإذا رأى الناشئ ذلك؛ أَكبرَ الوظيفة أيَّما إكبارٍ وَلَجَّ به الحرص عليها واللصوق بها، وكان سروره وحزنه على قدر قربها منه أو بعدها عنه، فإذا وُفِّقَ إليها لطم بأنفه قبة السماء، وداس بنعله رأس الجوزاء، وإنْ يئس منها قتل نفسه وهو يتمثَّل بقول ذلك الشاعر الأحمق: 

فإما الثُّرَيَّا وإما الثرى 

أيها الناشئ، لقد جهل أبوك، وغشَّك أستاذك، وخدعك هذا المجتمع الفاسد، فكن أحسن حالًا منهم، واعلم أنَّ شرف العِلْمِ أكبر من شرف المنصب، وأنَّ المنصب ما كان شريفًا إلا لأنه حسنةٌ من حسنات العلم وأثرٌ من آثاره، فإن فاتك حظك منه فلا تحفل به، فهو أحقر من أن تشتدَّ في أثَره، أو تبذل حياتك حزنًا عليه، ولا تحسد أرباب المناصب على مناصبهم، فإنما هم يخدعونك بزخرفٍ من القول، وظاهرٍ من النعمة، وبهرجٍ من الابتسام، ووراء ذلك — لو علمت — قلبٌ يقطر دمًا، وفؤادٌ يضطرم لوعةً وأسًى.

 

خذ لنفسك حظَّها من العلم والأدب، ولا تحفل بعد ذلك بشيءٍ، فقد ربحت كل شيءٍ.

======

2. كتاب غرفة الأحزان للمنفلوطي 

كان لي صديقٌ أحبه لفضله وأدبه أكثر مما أُحِبُّهُ لصلاحه ودينه، فكان يروقني منظره ويؤنسني محضره، ولا أبالي بعد ذلك بشيءٍ من نُسُكِهِ وعبادته، أو فسقه واستهتاره؛ لأني ما فكرت قط أن أتلقَّى عنه علوم الشريعة أو دروس الأخلاق، فقد علمت من ذلك ما حسبي به وكفى.

 

قضيت في صحبته عهدًا طويلًا ما أنكر من أمره ولا ينكر من أمري شيئًا، حتى سافرت من القاهرة سفرًا طويلًا، فتراسلنا حينًا ثم انقطعت عني كتبه، فرابني من أمره ما رابني، ثم عدت فجعلت أكبر همِّي أن أراه، فطلبته في جميع المواطن التي كنت أعرفه فيها فلم أجده، فذهبت إلى منزله فحدثني جيرانه أنه هجره من عهدٍ بعيد، وأنهم لا يعرفون أين مذهبُه، فوقفت بين اليأس والرجاء برهةً من الزمان، ثم شعرت كأن أولهما يغالب ثانيهما حتى غلبه، فعلمت أنْ قد فقدت الرجل وأني لن أجد بعد اليوم إليه سبيلًا.

 

هنالك ذرفت من الوجد دموعًا لا يذرفها إلا من قل نصيبه من الأصدقاء، وأقفر رَبْعُه من الأوفياء، وأصبح غرضًا من أغراض الأيام لا تخطئه سهامها، ولا تُغِبُّهُ آلامها.

 

بينا أنا عائد إلى منزلي في ليلة من ليالي السِّرار إذ دفعني الجهل بالطريق في هذا الظلام المدلهم إلى زقاقٍ موحشٍ مهجور، يتخيل الناظر إليه في مثل تلك الساعة التي مررت فيها أنه مسكن الجان، أو مأوى الغيلان، فشعرت كأن بحرًا أسود يتدفق بين جبلين شامخين، وكأن أمواجه تقبل بي وتدبر، وتقوم وتقعد، فما توسَّطت لجَّته حتى سمعت في منزلٍ من تلك المنازل المهجورة أنَّةً تتردد في جوف الليل، فأصغيت إليها فَتَلتْها أختها، ثم أخواتها فأثر في نفسي مسمعها تأثيرًا شديدًا، وقلت: «يا للعجب! كم يكتم هذا الليل في صدره من أسرار البائسين وخفايا المحزونين!» وكنت قد عاهدت الله قبل اليوم ألا أرى محزونًا حتى أقف أمامه وقفة المساعد إن استطعت، أو الباكي إذا عجزت.

 

فتلمست الطريق إلى ذلك المنزل حتى بلغته، فطرقت الباب طرقًا خفيفًا، فلم يُفْتَحْ لي، فطرقته أخرى طرقًا شديدًا ففتحت لي فتاةٌ صغيرةٌ لم تكد تَسلَخ العاشرةَ من عمرها، فتأملتها على ضوء المصباح الضئيل الذي كان في يدها، فإذا هي في ثيابها الممزقة، كالبدر وراء الغيوم المتقطعة، وقلت لها: «هل عندكم مريض؟» فزفرت زفرةً كاد ينقطع لها نياط قلبها، وقالت: «أدرك أبي أيها الرجل، فهو يعالج سكرات الموت!» ثم مشت أمامي فتبعتها حتى وصلت إلى غرفةٍ ذات بابٍ قصيرٍ مسنَّمٍ، فدخلتها، فخُيِّل إليَّ أني قد انتقلت من عالم الأحياء إلى عالم الأموات، وأنَّ الغرفة قبرٌ والمريض ميتٌ، فدنوت منه حتى صرت بجانبه، فإذا قفص من العظم يتردد فيه النفَس تردد الهواء في البرج الخشبيِّ، فوضعت يدي على جبينه ففتح عينيه وأطال النظر في وجهي، ثم فتح شفتيه قليلًا قليلًا، وقال بصوتٍ خافتٍ: «أَحْمَدُ الله تعالى فقد وجدت صديقي!» فشعرت كأن قلبي يتمشَّى في صدري جزعًا وقلقًا، وعلمت أني قد عثرت على ضالَّتي التي كنت أنشدها، وكنت أتمنى ألا أعثر بها وهي في طريق الفَناء، وعلى باب القضاء، وألا يُجدد لي مَرْآهَا حزنًا كان في قلبي كمينًا، وبين أضالعي دفينًا.

 

فسألته ما باله، وما هذه الحالة التي صار إليها، وكأنَّ أُنْسَهُ بي أمد مصباح حياته الضئيل بقليلٍ من النور، فأشار إليَّ أنه يحب النهوض، فمددت يدي إليه فاعتمد عليها حتى استوى جالسًا، وأنشأ يقصُّ عليَّ هذه القصة: «منذ عشر سنين كنت أسكن أنا ووالدتي بيتًا يسكن بجانبه جار لنا من أرباب الثراء والنعمة، وكان قصره يضم بين جناحيه فتاةً ما ضمت القصور أجنحتها على مثلها حسنًا وبهاءً، ورونقًا وجمالًا، فألمَّ بنفسي من الوجد بها ما لم أستطع معه صبرًا، فما زلت بها أعالجها فتتمنَّع، وأستنزلها فتتعذَّر، وأتأتَّى إلي قلبها بكل الوسائل فلا أصل إليه، حتى عثرت بمنفذ الوعد بالزواج فانحدرت منه إليها، فسكن جماحها، وأسلس قيادها، فسلبتها قلبها وشرفها في يوم واحد. وما هي إلا أيامٌ قلائل حتى عرفت أنَّ جنينًا يضطرب في أحشائها فأُسقط في يدي، وطفقت أرتئي بين أنْ أفيَ لها بوعدها، أو أقطع حبل وُدِّها، فآثرت أخراهما على أولاهما، وهجرت ذلك المنزل إلى المنزل الذي كنت تزورني فيه أيها الصديق، ولم أعُدْ أعلم بعد ذلك من أمرها شيئًا.

 

مرَّت على تلك الحادثة أعوامٌ طوال، وفي ذات يوم جاءني منها مع البريد هذا الكتاب.» ومد يده تحت وسادته وأخرج كتابًا باليًا مصفرًّا فقرأت فيه ما يأتي:

 

لو كان بي أن أَكْتُبَ إليك لأجدد عهدًا دارسًا أو ودًّا قديمًا ما كتبت سطرًا، ولا خططت حرفًا؛ لأني لا أعتقد أنَّ عهدًا مثل عهدك الغادر وودًّا مثل ودك الكاذب، يستحق أن أحفل به فأذكره، أو آسف عليه فأطلب تجديده.

 

إنك عرفت حين تركتني أن بين جَنْبَيَّ نارًا تضطرم، وجنينًا يضطرب، تلك للأسف على الماضي، وذاك للخوف من المستقبل، فلم تُبَلْ بذلك وفررت مني حتى لا تُحَمِّلَ نفسك مئونة النظر إلى شقاءٍ أنت صاحبه، ولا تكلف يدك مسح دموعٍ أنت مُرْسِلُهَا، فهل أستطيع بعد ذلك أن أتصور أنك رجل شريف؟! لا بل لا أستطيع أن أتصور أنك إنسان؛ لأنك ما تركت خَلَّة من الخلال المتفرقة في نفوس العجماوات والوحوش الضارية إلا جمعتَها في نفسك، وظهرت بها جميعًا في مظهرٍ واحد.

 

كذبت عليَّ في دعواك أنك تحبني، وما كنت تحب إلا نفسك، وكل ما في الأمر أنك رأيتني السبيل إلى إرضاء نفسك فمررت بي في طريقك إليها، ولولا ذلك ما طرقتَ لي بابًا، ولا رأيتَ لي وجهًا!

 

خنتني إذ عاهدتني على الزواج فأخلفت وعدك ذَهابًا بنفسك أن تتزوج امرأة مجرمةً ساقطة، وما هذه الجريمة ولا تلك السقطة إلا صورة نفسك وصنعة يدك، ولولاك ما كنت مجرمةً ولا ساقطة، فقد دفعتُك جهدي حتى عييت بأمرك، فسقطت بين يديك سقوط الطفل الصغير بين يدي الجبار الكبير.

 

سرقت عفتي، فأصبحتُ ذليلةَ النفس، حزينة القلب، أستثقل الحياة وأستبطئ الأجل، وأيُّ لذةٍ في العيش لامرأةٍ لا تستطيع أن تكون زوجةً لرجلٍ ولا أمًّا لولد؟! بل لا تستطيع أن تعيش في مجتمع من هذه المجتمعات البشرية إلا وهي خافضةٌ رأسها، مسبلةٌ جفنها، واضعةٌ خدَّها على كفها، ترتعد أوصالها، وتذوب أحشاؤها؛ خوفًا من عبث العابثين، وتهكم المتهكمين.

 

سلبتني راحتي؛ لأني أصبحت مضطرةً بعد تلك الحادثة إلى الفرار من ذلك القصر الذي كنت متمتعةً فيه بعِشْرَةِ أبي وأمي، تاركةً ورائي تلك النعمة الواسعة وذلك العيش الرغد إلى منزلٍ حقير في حيٍّ مهجورٍ لا يعرفه أحد ولا يطرق بابه طارقٌ، لأقضي فيه الصُّبابة الباقية من أيام حياتي.

 

قتلتَ أمي وأبي، فقد علمتُ أنهما ماتا، وما أحسب موتهما إلا حزنًا لفقدي ويأسًا من لقائي.

 

قتلتني لأن ذلك العيش المر الذي شربتُه من كأسك، وذلك الهم الطويل الذي عالجته بسببك، قد بلغا مبلغهما من جسمي ونفسي، فأصبحت في فراش الموت كالذبالة المحترقة، وأحسب أنَّ الله قد أجاب دعائي وأراد أن ينقلني من دار الموت والشقاء إلى دار الحياة والهناء.

 

فأنت كاذبٌ خادعٌ، ولصٌّ قاتل، ولا أحسب أنَّ الله تاركك بدون أن يأخذ لي بحقي منك.

 

ما كتبت إليك هذا الكتاب لأجدد بك عهدًا، أو لأخطب إليك وُدًّا، فقد عرفت مكانك من نفسي، على أنني أصبحت على باب القبر وفي موقف وداع هذه الحياة خيرِها وشرِها، سعادتها وشقائها، وإنما كتبت إليك لأن لك عندي وديعة، وهي فتاتك، فإن كان الذي ذهب بالرحمة من قلبك أبقى لك منها رحمة الأبوة فأَقْبِلْ إليها وخذها إليك حتى لا يدركها من الشقاء ما أدرك أمها من قبلها!

 

فما أتممت قراءة الكتاب حتى نظرت إليه فرأيت مَدامِعَهُ تنحدر من مُقْلَتَيْهِ، فسألته: «ماذا تم بعد ذلك؟» قال: «إني ما قرأت هذا الكتاب حتى أحسست برعدةٍ تتمشَّى في أضالعي، وخُيِّلَ لي أن صدري يحاول أن ينشقَّ عن قلبي حزنًا وجزعًا، فأسرعت إلى منزلها — وهو هذا المنزل الذي تراني فيه الآن — فرأيتها في هذه الغرفة على هذا السرير جثةً هامدة لا حَراك بها، ورأيت فتاتها إلى جانبها تبكي بكاءً مرًّا، فصعقت لهول ما رأيت، وتمثلت لي جرائمي في غَشيتي كأنما هي وحوشٌ ضارية، وأَساود ملتفَّةٌ، هذا ينشب أظافره وذاك يحدد أنيابه، فما أفقتُ حتى عاهدت الله ألا أبرح هذه الغرفة التي سميتها «غرفة الأحزان» حتى أعيش فيها عيشها، ثم أموت موتها.

 

وهأنذا أموت اليوم راضيًا مسرورًا، فقد حدَّثني قلبي أنَّ الله قد غفر لي سيئاتي بما قاسيت من العناء، وكابدت من الشقاء

 

وما وصل من حديثه إلى هذا الحد حتى انعقد لسانه واصفرَّ وجهه وسقط على فراشه، فأسلم الروح وهو يقول: «ابنتي يا صديقي!» فلبثت بجانبه ساعةً قضيت فيها ما يجب على الصديق لصديقه، ثم كتبت إلى أصدقائه ومعارفه، فحضروا تشييع جنازته، وما رُئِيَ مثل اليوم أكثر باكيةً وباكيًا.

 

ولما حثونا التُّرْبَ فوق ضريحه جَزِعنا ولكن أي ساعة مَجزع

 

ويعلم الله أني لأكتب قصته ولا أملك نفسي من البكاء والنشيج، ولا أنسى ما حييت نداءه لي وهو يودِّع نسمات الحياة، وقوله: «ابنتي يا صديقي

 

فيا أقوياء القلوب من الرجال، رفقًا بضعفاء النفوس من النساء! إنكم لا تعلمون حين تخدعونهن عن شرفهن وعفتهن أيَّ قلبٍ تفجعون، وأيَّ دمٍ تسفكون!

  ===

 

وكتاب الحجاب عَبْرة وعِبْرة  لمصطفى لطفي المنفلوطي 

المقدمة بواسطة «دار القاسم»للطباعة والنشر

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.. وبعد: فالحمد لله الذي شرَّف هذه الأمة بدين الإسلام، وشرفت المرأة المسلمة بارتداء الحجاب، صونًا لنفسها، وعفافًا لقلبها، وتقربًا إلى ربها، ولا يزال المرجفون في الأرض ينادون بين حين وآخر بإسقاط الحجاب ونبذه متبعين في ذلك شتى الوسائل والطرق.  ومشاركة من «دار القاسم» في نشر الأدب الرفيع خاصة ما يحكي واقعًا ملموسًا يُضيق به الطريق على المرجفين الذي لا يراعون في المؤمنين والمؤمنات إلا ولا ذمة.. نقدم لهم رائعة من روائع الكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي بعنوان «الحجاب عَبْرةٌ وعِبْرة». حفظ الله للأمة دينها وللمسلمة حجابها وعفتها.. الناشر

  الحجاب 

قال المنفلوطي ذهب فلان إلى أوربا وما ننكر من أمره شيئًا، فلبث فيها بضع سنين، ثم عاد وما بقي مما كنا نعرفه منه شيء. ذهب بوجه كوجه العذراء ليلة عرسها، وعاد بوجه كوجه الصخرة الملساء تحت الليلة الماطرة، وذهب بقلب نقي طاهر يأنس بالعفو ويستريح إلى العذر، وعاد بقلب ملفق([1]) مدخول([2]) لا يفارقه السخط على الأرض وساكنها، والنقمة على السماء وخالقها، وذهب بنفس غضة خاشعة ترى كل نفس فوقها.. وعاد بنفس ذهابة([3]) نزاعة([4]) لا ترى شيئًا فوقها، ولا تلقي نظرة واحدة على ما تحتها، وذهب برأس مملوءة حكمًا ورأيًا، وعاد برأس كرأس التمثال المثقب لا يملأها إلا الهواء المتردد، وذهب وما على وجه الأرض أحب إليه من دينه ووطنه، وعاد وما على وجهها أصغر في عينيه منهما. وكنت أرى أن هذه الصورة الغريبة التي يتراءى فيها هؤلاء الضعفاء من الفتيان العائدين من تلك الديار إلى أوطانهم إنما هي أصباغ مفرغة على أجسامهم إفراغًا لا تلبث أن تطلع عليها شمس المشرق حتى تنصل([5]) وتتطاير ذرَّاتها في أجواء السماء، وأن مكان المدينة الغربية من نفوسهم مكان الوجه من المرآة، إذا انحرف عنها زال خياله منها، فلم أشأ أن أفارق ذلك الصديق، ولبسته على علاته([6]) وفاء بعهده السابق، ورجاء لغده المنتظرة، محتملاً في سبيل ذلك من حمقه ووسواسه وفساد تصوراته وغرابة أطواره، ما لا طاقة لمثلي باحتمال مثله، حتى جاءني ذات ليلة بداهية([7]) الدواهي.. ومصيبة المصائب، فكانت آخر عهدي به

دخلت عليه فرأيته واجمًا مكتئبًا، فحييته فأومأ إلي بالتحية إيماءً، فسألته ما باله؟ فقال:

 

ما زلت منذ الليلة من هذه المرأة في عناء لا أعرف السبيل إلى الخلاص منه، ولا أدري مصير أمري فيه.

 

قلت: وأي امرأة تريد؟ قال: تلك التي يسميها الناس زوجتي، وأسميها الصخرة العاتية([8]) في طريق مطالبي وآمالي. قلت: إنك كثير الآمال يا سيدي، فعن أي آمالك تتحدث؟ قال: ليس لي في الحياة إلا أمل واحد هو أن أغمض عيني ثم أفتحهما فلا أرى برقعًا على وجه امرأة في هذا البلد.

 

قلت: ذلك ما لا تملكه ولا رأي لك فيه.

 

قال: إن كثيرًا من الناس يرون في الحجاب رأيي، ويتمنون في أمره ما أتمنى، ولا يحول بينهم وبين نزعه عن وجوه نسائهم وإبرازهن إلى الرجال يجالسنهم كما يجلس بعضهن إلى بعض إلا العجز والضعف والهيبة التي لا تزال تلم بنفس الشرقي كلما حاول الإقدام على أمر جديد، فرأيت أن أكون أول هادم لهذا البناء العادي([9]) القديم الذي وقف سدًّا دون سعادة الأمة وارتقائها دهرًا طويلاً، وأن يتم على يدي ما لم يتم على يد أحد غيري من دعاة الحرية وأشياعها([10])، فعرضت الأمر على زوجتي فأكبرته وأعظمته وخيل إليها أنني جئتها بإحدى النكبات العظام، والرزايا الجسام، وزعمت أنها إن برزت إلى الرجال فإنها لا تستطيع أن تبرز إلى النساء بعد ذلك حياءً منهن وخجلاً، ولا خجل هناك ولا حياء، ولكنه الموت والجمود والذل الذي ضربه الله على هؤلاء النساء في هذا البلد أن يعشن في قبور مظلمة من خدورهن([11]) وخمرهن([12]) حتى يأتيهن الموت فينتقلن من مقبرة الدنيا إلى مقبرة الآخرة، فلابد لي أن أبلغ أمنيتي، وأن أعالج هذا الرأس القاسي المتحجر علاجًا ينتهي بإحدى الحسنيين إما بكسره أو بشفائه!..

 

فورد علي من حديثه ما ملأ نفسي همًّا وحزنًا، ونظرت إليه نظرة الراحم الراثي([13])، وقلت: أعالم أنت أيها الصديق ما تقول؟

 

قال: نعم، أقول الحقيقة التي أعتقدها وأدين نفسي بها، واقعة من نفسك ونفوس الناس جميعًا حيث وقعت!

 

قلت: هل تأذن لي أن أقول لك: إنك عشت فترة طويلة في ديار قوم لا حجاب بين رجالهم ونسائهم، فهل تذكر أن نفسك حدثتك يومًا من الأيام وأنت فيهم بالطمع في شيء مما لا تملك يمينك من أعراض نسائهم فنلت ما تطمع فيه من حيث لا يشعر مالكه؟

 

قال: ربما وقع لي شيء من ذلك فماذا تريد؟

 

قلت: أريد أن أقول لك إني أخاف على عرضك أن يلم([14]) به من الناس ما ألم بأعراض الناس منك.

 

قال: إن المرأة الشريفة تستطيع أن تعيش بين الرجال من شرفها وعفتها في حصن حصين لا تمتد إليه المطامع، فتداخلني ما لم أملك معه وقلت له: تلك هي الخدعة التي يخدعكم بها الشيطان أيها الضعفاء، والثلمة([15]) التي يعثر بها في زوايا رؤوسكم فينحدر منها إلى عقولكم، ومدارككم([16]) فيفسدها عليكم، فالشرف كلمة لا وجود لها إلا في قواميس اللغة ومعاجمها، فإن أردنا أن نفتش عنها في قلوب الناس وأفئدتهم قلما نجدها، والنفس الإنسانية كالغدير الراكد لا يزال صافيًا رائقًا حتى يسقط فيه حجر فإذا هو مستنقع كدر، والعفة لون من ألوان النفس لا جوهر من جواهرها، وقلما تثبت الألوان على أشعة الشمس المتساقطة.

 

قال: أتنكر وجود العفة بين الناس؟

 

قلت: لا أنكرها لأني أعلم أنها موجودة بين البلد الضعفاء والمتكلفين([17])، ولكني أنكر وجودها عند الرجل القادر المختلب([18]) والمرأة الحاذقة المترفقة إذا سقط بينهما الحجاب وخلا وجه كل منهما لصاحبه.

 

في أي جو من أجواء هذا البلد تريدون أن تبرز نساؤكم لرجالكم؟

 

أفي جو المتعلمين ؟ وفيهم من سئل مرة: لم لم يتزوج؟ فأجاب: نساء البلد جميعًا نسائي.

 

أم في جو الطلبة ؟ وفيهم من يتوارى عن أعين خلانه وأترابه خجلاً إن خلت محفظته يومًا من الأيام من صور عشيقاته وخليلاته، أو أقفرت من رسائل الحب والغرام.

 

وبعد، فما هذا الولع بقصة المرأة، والمتمطق([19]) بحديثها، والقيام والقعود بأمرها وأمر حجابها وسفورها، وحريتها وأسرها، كأنما قد قمتم بكل واجب للأمة عليكم في أنفسكم، فلم يبق إلا أن تفيضوا من تلك النعم على غيركم؟!

 

هذبوا رجالكم قبل أن تهذبوا نساءكم، فإن عجزتم عن الرجال، فأنتم عن النساء أعجز.

 

أبواب الفخر أمامكم كثيرة، فاطرقوا أيها شئتم، ودعوا هذا الباب موصدًا، فإنكم إن فتحتموه فتحتم على أنفسكم ويلاً عظيمًا.. وشقاءً طويلاً.

 

أروني رجلاً واحدًا منكم يستطيع أن يزعم في نفسه أنه يمتلك هواه بين يدي امرأة يرضاها، فأصدق أن امرأة تستطيع أن تملك هواها بين يدي رجل ترضاه.

 

إنكم تكلفون المرأة ما تعلمون أنكم تعجزون عنه وتطلبون عندها ما لا تعرفونه عند أنفسكم، فأنتم تخاطرون بها في معركة أحسبكم إلا خاسرين.

 

ما شكت المرأة إليكم ظلمًا، ولا تقدمت إليكم في أن تحلوا قيدها وتطلقوها من أسرها، فما دخولكم بينها وبين نفسها؟ وما تمضغكم ليلكم ونهاركم بقصصها وأحاديثها؟!

 

إنها لا تشكو إلا فضولكم([20]) وإسفافكم([21]) ومضايقتكم لها ووقوفكم في وجهها حيثما سارت وأينما حلت، حتى ضاق بها وجه الفضاء فلم تجد لها سبيلاً إلا أن تسجن نفسها بنفسها في بيتها فوق ما سجنها أهلها، فأوصدت من دونها بابها، وأسبلت أستارها، تبرمًا([22]) بكم وفرارًا من فضولكم، فواعجبًا لكم تسجنونها بأيديكم، ثم تقفون على باب سجنها تبكونها وتندبون شقاءها!

 

إنكم لا ترثون لها، بل ترثون لأنفسكم، ولا تبكون عليها، بل على أيام قضيتموها في ديار يسيل جوها تبرجًا([23]) وسفورًا، ويتدفق خلاعة واستهتارًا، وتودون بجدع الأنف([24]) لو ظفرتم بذلك العيش الذي خلفتموه هناك.

 

لقد كنا، وكانت العفة في سقاء([25]) من الحجاب موكوء([26])، فما زلتم به تثقبون في جوانبه، كل يوم ثقبًا، والعفة تتسلل منه قطرة قطرة حتى تقبض وتكرش([27])، ثم لم يكفكم ذلك منه حتى جئتم اليوم تريدون أن تحلوا وكاءه حتى لا تبقى فيه قطرة واحدة.

 

عاشت المرأة المصرية حقبة من دهرها مطمئنة في بيتها، راضية عن نفسها وعن عيشها، ترى السعادة كل السعادة في واجب تؤديه لنفسها، أو وقفة تقفها بين يدي ربها، أو عطفة تعطفها على ولدها، أو جلسة تجلسها إلى جارتها تبثها ذات نفسها([28])، وتستبثها([29]) سريرة قلبها، وترى الشرف كل الشرف في خضوعها لأبيها وائتمارها بأمر زوجها، ونزولها عند رضاهما.

 

وكانت تفهم معنى الحب، وتجعل معنى الغرام، فتحب زوجها لأنه زوجها، كما تحب ولدها لأنه ولدها، فإن رأى غيرها من النساء أن الحب أساس الزواج، رأت هي أن الزواج أساس الحب، فقلتم لها: إن هؤلاء الذين يستبدون بأمرك من أهلك، ليسوا بأوفر منك عقلاً ولا أفضل رأيًا، ولا أقدر على النظر لك من نظرك لنفسك، فلا حق لهم في هذا السلطان الذي يزعمونه لأنفسهم عليك، فازدرت([30]) أباها، وتمردت على زوجها، وأصبح البيت الذي كان بالأمس عرسًا من الأعراس الضاحكة، مناحة قائمة، لا تهدأ نارها، ولا يخبو([31]) أوارها([32]).

 

وقلتم لها لابد لك أن تختاري زوجك بنفسك حتى لا يخدعك أهلك عن سعادة مستقبلك، فاختارت لنفسها أسوأ مما اختار لها أهلها، فلم يزد عمر سعادتها على يوم وليلة، ثم الشقاء الطويل بعد ذلك، والعذاب الأليم.

 

قلتم لها إن الحب أساس الزواج فما زالت تقلب عينيها في وجوه الرجال مصعدة مصوبة، حتى شغلها الحب عن الزواج فعنيت به عنه.

 

وقلتم لها إن سعادة المرأة في حياتها أن يكون زوجها عشيقها، وما كانت تعرف إلا أن الزواج غير العشيق، فأصبحت تطلب في كل يوم زوجًا جديدًا يحيى من لوعة الحب ما أمات الزوج القديم.. فلا قديمًا استبقت ولا جديدًا أفادت([33]).

 

وقلتم لها لابد أن تتعلمي لتحسني تربية ولدك، والقيام على شؤون بيتك، فتعلمت كل شيء إلا تربية ولدها، والقيام على شؤون بيتها.

 

وقلتم لها نحن لا نتزوج من النساء إلا من نحبها ونرضاها، ويلائم ذوقها ذوقنا، وشعورها شعورنا، فرأت أن لابد لها أن تعرف مواقع أهوائكم، ومباهج أنظاركم، لتتجمل لكم بما تحبون، فراجعت فهرس حياتكم، صفحة صفحة، فلم تر فيه غير أسماء الخليعات المستهترات، والضاحكات اللاعبات، والإعجاب بهن والثناء على ذكائهن وفطنتهن، فتخلعت، واستهترت لتبلغ رضاكم، وتنزل عند محبتكم، ثم مشت إليكم بهذا الثوب الرقيق الشفاف، تعرض نفسها عليكم عرضًا، كما تعرض الأمة([34]) في سوق الرقيق([35])، فأعرضتم عنها ونبوتم([36]) بها، وقلتم لها:

 

إنا لا نتزوج النساء العاهرات، كأنكم لا تبالون أن يكون نساء الأمة جميعًا ساقطات، إذا سلمت لكم نساؤكم، فرجعت أدراجها خائبة منكسرة، وقد أباها([37]) الخليع([38])، وترفع عنها المحتشم([39])، فلم تجد بين يديها غير باب السقوط فسقطت.

 

وكذلك انتشرت الريبة في نفوس الأمة جميعًا وتمشت الظنون بين رجالها ونسائها، فتعاجز الفريقان، وأظلم الفضاء بينهما، وأصبحت البيوت كالأديرة لا يرى فيها الرائي إلا رجالاً مترهبين، ونساءً عانسات.

 

ذلك بكاؤكم على المرأة أيها الرحمون.. وهذا رثاؤكم لها وعطفكم عليها!

 

نحن نعلم كما تعلمون أن المرأة في حاجة إلى العلم، فليهذبها أبوها أو أخوها، فالتهذيب أنفع لها من العلم، وإلى اختيار الزوج العادل الرحيم، فليحسن الآباء اختيار الأزواج لبناتهم وليجمل([40]) الأزواج عشرة نسائهم، وإلى النور والهواء تبرز إليهما، وتتمتع فيهما بنعمة الحياة، فليأذن لها أولياؤها بذلك، وليرافقها رفيق منهم في غدواتها وروحاتها، كما يرافق الشاة راعيها، خوفًا عليها من الذئاب، فإن عجزنا عن أن نأخذ الآباء والأخوة والأزواج بذلك، فلننفض أيدينا من الأمة جميعها نسائها ورجالها، فليست المرأة بأقدر على إصلاح نفسها من الرجل على إصلاحها.

 

أعجب ما أعجب له في شؤونكم أنكم تعلمتم كل شيء، إلا شيئًا واحدًا هو أدنى إلى مدارككم أن تعلموه قبل كل شيء، وهو أن لكل تربة نباتًا ينبت فيها، ولكل نبات زمنًا ينمو فيه.

 

رأيتم العلماء في أوروبا يشتغلون بكماليات العلوم بين أمم قد فرغت من ضرورياتها، فاشتغلتم بها مثلهم في أمة لا يزال سوادها الأعظم في حاجة إلى معرفة حروف الهجاء.

 

ورأيتم الفلاسفة فيها ينشرون فلسفة الكفر بين شعوب ملحدة، لها من عقولها وآدابها ما يغنيها بعض الغناء عن إيمانها، فاشتغلتم بنشرها بين أمة ضعيفة ساذجة لا يغنيها عن إيمانها شيء، إن كان هناك ما يغني عنه.

 

ورأيتم الرجل الأوروبي حرًا مطلقًا يفعل ما يشاء ويعيش كما يريد، لأنه يستطيع أن يملك نفسه وخطواته في الساعة التي يعلم فيها أنه قد وصل إلى حدود الحرية التي رسمها لنفسه رجلاً ضعيف الإرادة والعزيمة، يعيش من حياته الأدبية في رأس منحدر زلق([41]) إن زلت به قدمه مرة تدهور من حيث لا يستطيع أن يستمسك، حتى يبلغ الهوة ويتردى في قرارتها.

 

ورأيتم الزوج الأوروبي الذي أطفأت البيئة غيرته.. وأزالت خشونة نفسه وحُرْشَتَها([42])، يستطيع أن يرى زوجته تخاصر من تشاء، وتصاحب من تشاء، وتخلو بمن تشاء، فيقف أمام ذلك المشهد موقف الجامد المتبلد. فأردتم الرجل الشرقي الغيور الملتهب أن يقف موقفه، ويستمسك استمساكه!..

 

ورأيتم المرأة الأوروبية الجريئة المتفتية([43]) في كثير من مواقفها من الرجال أن تحتفظ بنفسها وكرامتها، فأردتم من المرأة المصرية الضعيفة الساذجة أن تبرج للرجال بروزها، وتحتفظ بنفسها احتفاظها. وكل نبات يزرع في أرض غير أرضه، أو في ساعة غير ساعته، إما أن تأباه([44]) الأرض فتلفظه، وإما أن ينشب فيها فيفسدها.

 

إنا نضرع([45]) إليكم باسم الشرف الوطني([46])، والحرمة الدينية، أن تتركوا تلك البقية الباقية من نساء الأمة مطمئنات في بيوتهن، ولا تزعجوهن بأحلامكم وآمالكم كما أزعجتم من قبلهن، فكل جرح من جروح الأمة له دواء، إلا جرح الشرف، فإن أبيتم إلا أن تفعلوا، فانتظروا بأنفسكم قليلاً ريثما تنتزع الأيام من صدوركم هذه الغيرة التي ورثتموها عن آبائكم وأجدادكم لتستطيعوا أن تعيشوا في حياتكم الجديدة سعداء آمنين.

 

فما زاد الفتى على أن ابتسم في وجهي ابتسامة الهزء والسخرية، وقال: تلك حماقات ما جئنا إلا لمعالجتها، فنصطبر عليها حتى يقضي الله بينا وبينها.

 

فقلت له: لك أمرك في نفسك وفي أهلك فاصنع بهما ما تشاء.. وَأْذَن لي أن أقول لك إني لا أستطيع أن اختلف إلى بيتك ([47]) بعد اليوم إبقاء عليك على نفسي، لأني أعلم أن الساعة التي ينفرج لي فيها جانب ستر من أستار بيتك عن وجه امرأة من أهلك تقتلني حياءً وخجلاً، ثم انصرفت.. وكان هذا فراق ما بيني وبينه.

 

وما هي إلا أيام قلائل حتى سمعت الناس يتحدثون أن فلانًا هتك الستر في منزله بين نسائه ورجاله، وأن بيته أصبح مغشيًا([48])، لا تزال النعال خافقة ببابه، فذرفت عيني دمعة، لا أعلم هل هي دمعة الغيرة على العرض المذال([49])، أو الحزن على الصديق المفقود!..

 

مرت على تلك الحادثة ثلاثة أعوام لا أزوره فيها، ولا يزورني، ولا ألقاه في طريقه إلا قليلاً، فأحييه تحية الغريب للغريب من حيث لا يجري لما كان بيننا ذكر ثم انطلق في سبيلي.

 

فإني لعائد إلى منزلي ليلة أمس، وقد مضى الشطر الأول من الليل، إذ رأيته خارجًا من منزله يمشي مشية الذاهل الحائر وبجانبه جندي من جنود الشرطة كأنما هو يحرسه أو يقتاده فأهمني أمره، ودنوت منه فسألته عن شأنه فقال:

 

لا علم لي بشيء سوى أن هذا الجندي قد طرق الساعة بابي يدعوني إلى مخفر الشرطة، ولا أعلم لمثل هذه الدعوة في مثل هذه الساعة سببًا، وما أنا بالرجل المذنب، ولا المريب([50])، فهل أستطيع أن أرجوك يا صديقي بعد الذي كان بيني وبينك أن تصحبني الليلة في وجهي([51]) هذا علني أحتاج إلى بعض المعونة فيما قد يعرض لي هناك من الشؤون؟

 

قلت: لا أحب إلي من ذلك. ومشيت معه صامتًا لا أحدثه ولا يقول لي شيئًا، ثم شعرت كأنه يزوّر([52]) في نفسه كلامًا يريد أن يفضي به إلي فيمنعه الخجل والحياء، ففاتحته الحديث قلت له:

 

ألا تستطيع أن تتذكر لهذه الدعوة سببًا؟ فنظر إلي نظرة حائرة، وقال: إن أخوف ما أخافه أن يكون قد حدث لزوجتي الليلة حادث، فقد رابني من أمرها أنها لم تعد إلى المنزل حتى الساعة، وما كان ذلك شأنها من قبل.

 

قلت: أما كان يصحبها أحد؟

 

قال: لا.

 

قلت: ألا تعلم المكان الذي ذهبت عليه؟

 

قال: لا.

 

قلت: ومم تخاف عليها؟

 

قال: لا أخاف شيئًا، سوى أني أعلم أنها امرأة غيور حمقاء، فلعل بعض الناس حاول العبث بها في طريقها فشرست عليه.. فوقعت بينهما واقعة انتهى أمرها إلى مخفر الشرطة.

 

وكنا قد وصلنا إلى المخفر فاقتادنا الجندي إلى قاعة المأمور فوقفنا بين يديه، فأشار إلى جندي أمامه إشارة لم نفهمها، ثم استدنى([53]) الفتي إليه وقال له:

 

يسوؤني أن أقول لك يا سيدي إن رجال الشرطة قد عثروا الليلة في مكان من أمكنة الريبة برجل في حال غير صالحة، فاقتادوهما إلى المخفر، فزعمت المرأة أن لها بك صلة، فدعوناك لتكشف لنا الحقيقة في أمرها، فإن كانت صادقة أذنا لها بالانصراف معك إكرامًا لك، وإبقاء على شرفك، وإلا فهي امرأة عاهرة لا نجاة لها من عقاب الفاجرات.. وها هما وراءك فانظرهما.. وكان الجندي قد جاء بهما من غرفة أخرى، فالتفت وراءه فإذا المرأة زوجته، وإذا الرجل أحد أصدقائه..

 

فصرخ صرخة رجفت لها جانب المخفر، وملأت نوافذه وأبوابه عيونًا وآذانًا، ثم سقط في مكانه مغشيًّا عليه، فأشرت على المأمور أن يرسل المرأة إلى منزل أبيها ففعل، وأطلق سبيل صاحبها، ثم حملنا الفتى في مركبة إلى منزله، ودعونا له الطبيب فقرر أنه مصاب بحمى دماغية شديدة .. ولبث ساهرًا بجانبه بقية الليل يعالجه حتى دنا الصبح، فانصرف على أن يعود متى دعوناه، وعهد إلي بأمره فلبثت بجانبه أرثي لحاله .. وأنتظر قضاء الله فيه، حتى رأيته يتحرك في مضجعه، ثم فتح عينيه فرآني، فلبث شاخصًا إلي هنيهة كأنما يحاول أن يقول لي شيئًا فلا يستطيعه، فدنوت منه وقلت له:

 

هل من حاجة يا سيدي؟

 

فأجاب بصوت ضعيف خافت: حاجتي ألا يدخل علي أحد من الناس.

 

قلت: لن يدخل عليك إلا من تريد.

 

فأطرق هنيهة، ثم رفع رأسه فإذا عيناه مخضلتان بالدموع..

 

فقلت: ما بكاؤك يا سيدي؟

 

قال: أتعلم أين زوجتي الآن؟

 

قلت: وماذا تريد منها؟

 

قال: لا شيء، سوى أن أقول لها إني قد عفوت عنها.

 

قلت: إنها في بيت أبيها؟

 

قال: وارحمتاه لها ولأبيها ولجميع قومها! فقد كانوا قبل أن يتصلوا بي شرفاء أمجادًّا فألبستهم مذ عرفوني ثوبًا من العار لا تبلوه الأيام. من لي بمن يبلغهم عني جميعًا أنني مريض مشرف([54])، وأنني أخشى لقاء الله إن لقيته بدمائهم، وأنني أضرع([55]) إليهم أن يصفحوا عني ويغتفروا زلتي، قبل أن يسبق إلي الأجل؟!.. لقد كنت أقسمت لأبيها يوم اهتديتها([56]) أن أصون عرضها صيانتي لحياتي، وأن أمنعها مما أمنع منه نفسي، فحنثت([57]) في يميني، فهل يغفر لي ذنبي، فيغفر لي الله بغفرانه؟ نعم إنها قتلتني!.. ولكنني أنا الذي وضعت في يدها الخنجر الذي أغمدته في صدري، فلا يسألها أحد عن ذنبي. البيت بيتي، والزوجة زوجتي، والصديق صديقي، وأنا الذي فتحت باب بيتي لصديقي إلى زوجتي، فلم يذنب إليَّ أحد سواي.

 

ثم أمسك عن الكلام هنيهة، فنظرت إليه فإذا سحابة سوداء تنتشر فوق جبينه شيئًا فشيئًا، حتى لبست وجهه، فزفر زفرة خِلْتُ([58]) أنها خرقت حجاب قلبه، ثم أنشأ يقول:

 

آه ما أشد الظلام أمام عيني!.. وما أضيق الدنيا في وجهي!.. في هذه الغرفة على هذا المقعد تحت هذا السقف كنت أراهما جالسين يتحدثان فتملأ نفسي غبطة وسرورًا، وأحمد الله على أن رزقني بصديق وفي يؤنس زوجتي في وحدتها، وزوجة سمحة كريمة تكرم صديقي في غيبتي، فقولوا للناس جميعًا: إن ذلك الرجل الذي كان يفخر بالأمس بذكائه وفطنته، ويزعم أنه أكيس([59]) الناس وأحزمهم، قد أصبح يعترف اليوم أنه أبله إلى الغاية من البلاهة، وغبي إلى الغاية التي لا غاية وراءها.

 

وَالَهْفًا!([60]) على أم لم تلدني وأب عاقر لا نصيب له في البنين([61])، لعل الناس كانوا يعلمون من أمري ما كنت أجهل، ولعلهم كانوا إذا مررت بهم يتناظرون ويتغامزون ويبتسم بعضهم إلى بعض، أو يحدقون إلي ويطيلون النظر في وجهي ليروا كيف تتمثل البلاهة في وجوه البُلْه.. والغباوة في وجوه الأغبياء!..

 

ولعل الذين كانوا يتوددون إلي ويتمسحون بي من أصدقائي، إنما كانوا يفعلون ذلك من أجلها لا من أجلي!.. ولعلهم كانوا يسمونني فيما بينهم قوادًا ويسمون زوجتي مومسًا!.. وبيتي ماخورًا([62]).. وأنا عند نفسي أشرف الناس وأنبلهم..

 

فوارحمتاه لي إن بقيت على ظهر الأرض بعد اليوم ساعة واحدة! ووَالَهْفًا على زواية منفردة في قبر موحش يطويني ويطوي عاري معي! ثم أغمض عينيه وعاد إلى ذهوله واستغراقه.

 

وهنا دخلت الحجرة مرضع ولده تحمله على يدها حتى وضعته بجانب فراشه، ثم تركته وانصرفت، فما زال الطفل يدب على أطرافه حتى علا صدر أبيه فأحس به، ففتح عينيه فرآه فابتسم لمرآه وضمه إلى صدره ضمة الرفق والحنان، وأدنى فمه من وجهه ليقبله، ثم انتفض فجأة واستسر بشره([63])، ودفعه عنه بيده دفعة شديدة وأخذ يصيح:

 

- أبعدوه عني لا أعرفه!.. ليس لي أولاد ولا نساء، سلوا أمه عن أبيه من هو واذهبوا به إليه، لا ألبس العار في حياتي وأتركه أثرًا خالدًا ورائي بعد مماتي.

 

وكانت المرضع قد سمعت صياح الطفل فعادت إليه وحملته وذهبت به، فسمع صوته وهو يبتعد عنه شيئًا فشيئًا فأَنْصَت إليه واستعبر باكيًا وصاح:

 

- أرجعوه إلي، فعادت به المرضع، فتناوله من يدها وأنشأ يقلب نظره في وجهه ويقول:

 

- في سبيل الله يا بني ما خلف لك أبوك من اليتم، وما خلفت لك أمك من العار، فاغفر لهما ذنبهما إليك، فلقد كانت أمك امرأة ضعفة فعجزت عن احتمال صدمة القضاء فسقطت، وكان أبوك حسن في جريمته التي اجترمها، فأساء من حيث أراد الإحسان، سواءً أكنت ولدي يا بني، أم ولد الجريمة، فإني قد سعدت بك حقبة من الدهر فلا أنسى يدك عندي حيًا أو ميتًا، ثم احتضنه إليه، وقبله، في جبينه قبلة لا أعلم هل هي قبلة الأب الرحيم، أو المحسن الكريم!..

 

وكان قد بلغ منه الجهد فعاودته الحمى، وغلت نارها في رأسه، وما زال يثقل شيئًا فشيئًا حتى  خفت عليه التلف، فأرسلت وراء الطبيب، فجاء وألقى عليه نظرة طويلة ثم استردها مملوءة يأسًا وحزنًا.

 

ثم بدأ ينزع نزعًا شديدًا، ويئن أنينًا مؤلمًا، فلم تبق عين من العيون المحيطة به إلا ارفضت([64]) عن كل ما تستطيع أن تجود به من مدامعها.

 

فإنا لجلوس حوله وقد بدأ الموت يسبل أستاره السوداء على سريره، وإذا امرأة مؤتزرة بإزار أسود قد دخلت الحجرة، وتقدمت نحوه ببطء، حتى ركعت بجانبه، ثم أكبت على يده الموضوعة فوق صدره فقبلتها وأخذت تقول له:

 

- لا تخرج من الدنيا وأنت مرتاب في ولدك، فإن أمه تعترف بين يديك وأنت ذاهب إلى ربك، أنها وإن كانت قد دنت من الجريمة، ولكنها لم ترتكبها، فاعف عني يا والد ولدي، واسأل الله عندما تقف بين يديه أن يلحقني بك، فلا خير لي في الحياة من بعدك.

 

ثم انفجرت باكية، ففتح عينيه، وألقى على وجهه نظرة باسمة، كانت هي آخر عهده بالحياة وقضى([65]).

 

الآن عدت من المقبرة بعدما دفنت صديقي بيدي وأودعت حفرة القبر ذلك الشباب الناضر، والروض الزاهر، وجلست لكتابة هذه السطور، وأنا لا أكاد أملك مدامعي وزفراتي، فلا يهون وجدي عليه([66]) إلا أن الأمة كانت على باب خطر عظيم من أخطارها، فتقدم هو أمامها إلى ذلك الخطر وحده، فاقتحمه.. فمات شهيدًا([67]).. فنجت بهلاكه.

الفهرست


  1. ([1]) ملفق: مختلط، غير صاف.
    ([2]) مدخول: فسد داخله.
    ([3]) ذهابة: تتمادى في الخيلاء.
    ([4]) نزاعة: غريبة، متكبرة.
    ([5]) تنصل الشيء: يزول خضابه.
    ([6]) على علاته: أي على ما فيه من أحوال.
    ([7]) الداهية: المصيبة العظيمة.
    ([8]) العاتية: القاسية، الصلبة.
    ([9]) العادي: القديم (نسبة إلى قوم عاد).
    ([10]) أشياعها: أتباعها.
    ([11]) الخدور: مفردها الخدر (بالكسر): ما يفرد للجارية من السكن، الستر.
    ([12]) الخمر: مفردها الخمار (بالكسر): وهو ما تغطي به المرأة رأسها.
    ([13]) رثا لحاله: رق له ورحمه.
    ([14]) يلم به: يصيبه.
    ([15]) الثلمة: الشق، الفرجة.
    ([16]) المدارك: الحواس.
    ([17]) المتكلف: الوقاع فيما لا يعنيه.
    ([18]) المختلب: المخادع بلطيف الكلام.
    ([19]) تمطق: أخرج صوتًا بلسانه عند استطابة الطعام.
    ([20]) الفضول: التعرض لما لا يعنيك.
    ([21]) الإسفاف: تتبع الأمور الدنية.
    ([22]) التبرم: السأم، والضجر.
    ([23]) التبرج: التزين.
    ([24]) جدع الأنف: قطعه منها المثل «لأمر ما جدع قصير أنفه» وهو مثل يضرب لمن يحمل نفسه على مشقة عظيمة للظفر ببغيته.
    ([25]) السقاء: وعاء من جلد للماء واللبن ونحوهما.
    ([26]) موكوء: مربوط.
    ([27]) تقبض وتكرش: تكمش.
    ([28]) تبثها ذات نفسها: تطلعها على سرها.
    ([29]) تستبثها: تطلب منها أن تطلعها على سرها وما يشغلها.
    ([30]) ازدرت: احتقرت.
    ([31]) يخبو: يخمد، ينطفي.
    ([32]) أوارها: اشتعالها.
    ([33]) أفادت: استفادت.
    ([34]) الأمة: الخادمة.
    ([35]) الرقيق: تجارة العبيد.
    ([36]) نبوتم بها: تباعدتم عنها.
    ([37]) أباها: رفضها، امتنع عنها.
    ([38]) الخليع: المتهتك.
    ([39]) المحتشم: الخجول، المستحي.
    ([40]) أجمل: أحسن، تلطف.
    ([41]) الزلق: لا تثبت عليه القدم.
    ([42]) الحرشة: الخشونة.
    ([43]) المتفتية: الفتية.
    ([44]) تأباه: ترفضه.
    ([45]) نضرع: نتوسل.
    ([46]) (هذا اللفظ لا يجوز).
    ([47]) أختلف إلى بيتك: أتردد إليه.
    ([48]) مغشيًا: قصودًا.
    ([49]) المذال: المهان.
    ([50]) المريب: الذي يدعو إلى الريبة والشك.
    ([51]) وجهي: وجهتي، طريقي.
    ([52]) يزور في نفسه كلامًا: يهيئه ويعده.
    ([53]) استدنى الفتى إليه: قربه إليه.
    ([54]) مشرف: على وشك الموت.
    ([55]) أضرع: أتوسل.
    ([56]) اهتديتها: زفت إلي.
    ([57]) حنث في يمينه: لم يف بموجبها.
    ([58]) خلت: ظننت.
    ([59]) أكيس: أكثر فهمًا وفطنة.
    ([60]) والهفا: كلمة يتحسر بها على ما فات.
    ([61]) يقصد: ليته لم يولد.
    ([62]) الماخور: بيت الريبة، بيت الدعارة.
    ([63]) استسر بشره: اختفى فرحه.
    ([64]) ارفض الدمع: سال وترشش.
    ([65]) قضى: مات.
    ([66]) الوجد: الحزن.
    ([67]) [لا يجوز إطلاق لفظ الشهادة على العموم لأن إثبات الشهادة لا يكون إلا بنص أو إجماع].
    ======
    =

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ج3.وج4. الزجاج في اعراب القران

الزجاج 3.4. كتاب : إعراب القرآن المؤلف : الزجاج وأما قوله تعالى لكل باب منهم جزء مقسوم كأنه لكل باب جزء مقسوم من الداخلين ولا يصح ت...